التصنيفات
الأفكار الأفكار الأفكار الأفكار الأفكار

هويدا حسني

همها الأول كرامتها وكرامة أولادها. امرأة قوية وتريد لأبنائها وبنتها أن يكونوا أقوياء مثلها. غرس فيها والدها الحنون منذ صغرها ثقتها بنفسها، وعزز فيها منذ الصغر معنى العزة بالنفس وبالحق، وعدم الالتفات لكلام الناس.

 

تزوجت هويدا حسني منذ عشرين سنة من عامل بسيط، وأنجبت منه أربعة أبناء. اعتاد الزوج أن يعمل “غفيراً” أي يقوم بحراسة العقارات لمن يطلبه. أقامت عند زواجها في بيت عائلة زوجها، ومع اثنين من إخوته.

 

رباها والدها على الاعتماد على النفس، وعدم الاستسلام للصعاب. نظرت في حال زوجها بعد الزواج، فوجدت أن مهنته لا يمكن أن تضمن لهم حياة كريمة، وللأولاد متطلباتهم. فكرت منذ زمن في إقامة بعض المشروعات الخاصة بها. في البداية أنشأت مشروعاً صغيراً لبيع الكنافة النيئة، مشروع سهل، ولا يحتاج لإمكانيات عظيمة، فقط دقيق وماء ونار، والأمر بعد ذلك يتوقف على التسويق. لم ينجح، فلم تكن تمتلك خبرة المشروعات.

 

لم تيأس هويدا من فشل مشروعها الأول. فكرت في عمل مشروع آخر. فكرت في تجارة أنابيب الغاز. تشتري الأنبوبة بخمس جنيهات، تبيعها بسبع جنيهات. دبرت نقل الأنابيب عن طريق أحد الجيران الذي تطوع بنقلهم لها أسبوعياً. مبلغ عظيم من المال وفرتها، بتدخل هذا الرجل الخير. تكسب اثنين من الجنيهات في الأنبوبة الواحدة. مكسب عظيم لهذه الأسرة المتواضعة. اعتادت أن تتكسب أربعين جنيه كل أسبوع. كانت كثيراً ما تدخر هذه النقود، لعلها تحتاجها يوماً ما.

 

فتحت لهم السماء طاقة خير، سافر زوجها إلى الكويت، ليعمل نفس عمله بمصر، حارس عقار. وبدأ الزوج في إرسال مصروف شهري لأسرته. بحكم متعجل يمكنك أن تقول أن حالتها المادية لا بأس بها مقارنة بجيرانها في قرية تتاليا، في محافظة أسيوط. أسرة ميسورة، إذا نظرنا إلى وضع جيرانها البائس، ولكن واقع الحال يقول أن دخلهم يتجاوز بالكاد الحد الأدنى للأجور الذي يحصل عليه العاملون في مصر. عانت الأسرة كثيراً حتى تتحصل على هذا الحد الأدنى الذي يكفل حياة اجتماعية كريمة.

 

فجأة، ودون مقدمات قرر أخوة زوجها ترك المنزل والاستقلال بمنزل خاص بكل منهم. الصغار كبروا، وأصبحوا بحاجة لبيت كبير. والأمر نفسه ينطبق على أولاد هويدا. قرر الأخوة أن يبيعوا المنزل. رفضت هويدا، وتعجب زوجها من رفضها. ونشب بينهم نقاش حاد انتهى بأن قالت له “أنا عن رأيي، وبكرة تعرف مين كان صح.” قررت هويدا أن تشتري نصيب أخوته بالبيت. باعت بيت كانت تمتلكه. وقطعة أرض صغيرة بحلوان، بجنوب القاهرة، وأضافت على كل هذا ما أدخره زوجها من سفره، كل هذا ولم يكف. اقترضت حتى تسدد ما طلبه أخوته ثمناً لنصيبهم في منزل العائلة، وأخيرا وفت لهم ما تعهدت لهم به من قبل، “سأدفع مثل الغريب وأكثر.” وامتلك هويدا بيت العائلة كاملاً.

 

أرّقها الدّين. فكرت في الطريقة التي ستسدد بها آلاف الجنيهات التي اقترضتها. سمعت عن مجموعات الإدخار التي تقيمها هيئة كير في قريتها. أدخلت كل أولادها. دخلت باسمين لكل ولد وبنت. وبعد وقت قصير حصلت على قرض من الصندوق، فقد فكرت في إقامة مشروع جديد. ولدها الذي وصل إلى المرحلة الثانوية في التعليم كان يعمل في “الكهرباء”. فكرت الأم بعد أن نظرت حولها بالقرية في أن تفتح دكاناً صغيراً بالمنزل لبيع الأدوت الكهربائية والأسلاك وكل لوازم تركيب الكهرباء منزلياً. حسها التجاري العالي، ونظراً لأنه الدكان الوحيد بالقرية الذي يبيع لوازم الكهرباء، نجح، ونجح مشروعها. ورغم هذا النجاح لازال هذا الزوج مصراً على العمل بالكويت، رغم إيمان زوجته بأن أولاده أولى به.

 

تقضي هويدا الصباح في دكانها، حتى يعود ولدها من عمله ليحتل مكانها. يساعدها الأولاد، ويدعمها الزوج، وإن كان مؤمناً بأن لا دور له في هذا المشروع، فهو مشروعها. “حياتي فرقت كتير لم اعد احتاج لاحد وعيالي كمان مش محتاجين لحد.” هكذا ختمت هويدا حديثها، بعدما قصّت كلام الناس عنها وسخريتهم منها، ولكن الثقة التي غرست بداخلها منذ ولادتها هي التي أهلتها لتكمل مشوارها. لذا، تحرص هويدا على تعليم ابنتها الصعرى. “لن تتزوج حتى تتعلم.””لازم العيل يتعلم ويبقى عوده مشدود، ويكون له رأي وما يخليش حد يذله.” هذه هي الرسائل التي ترسلها هويدا يومياً لأبنائها، وهذه هي غاية الحياة بالنسبة لها، أن يعيشوا بعزة وكرامة.

 

التصنيفات
الأفكار

هند

من رحم الضوائق و الأزمات يولد شعاع من نور, بصيص أمل نتشبث به, و قد كانت هوايتها البسيطة هي ذلك الشعاع, فتصفيف و تزيين أهلها و جيرانها كان ملاذ “هند” لسد كفاف حاجتها, هي و زوجها مريض “فيروس سي” الذي تقضي تكاليف علاجه علي غالبية راتبه, و مصاريف أبنائهم الثلاثة في مراحل التعليم المختلفة.

 

“هند”, ابنه قرية منشأة عبدالله التابعة لمحافظة المنيا, قررت أن تستغل موهبتها في زيادة دخل أسرتها الذي لا يتجاوز ال900 جنيه.

 

“الموضوع بدأ اما قررت اشتغل كوافيرة في البيت, حاجة صغيرة مع أهلي و جيراني الي عارفني كويس علشان أساعد عيلتي، كنت بكسب في الأسبوع العادي حوالي 50 جنيه و لو فيه فرح أو موسم عيد ممكن يوصلوا ل 75 أو 100”.

 

كبر دخل هند, و كبرت معه أحلامها في توسيع مشروعها الصغير و تجهيزه بالمستلزمات الأساسية، و بقي توفير النقود اللازمة لشراء تلك المستلزمات عائق يحول دون تحقيق حلمها, الي أن سمعت عن “مشروع حياة” للادخار و الاقراض, و الذي يعتمد علي أن يقوم من 10-20 فرد بتجميع مبلغ من المال متفق عليه, و اقراض المبلغ كاملا لواحد منهم بالتناوب كل أسبوع.

 

“لما سمعت عن المشروع دخلت علي طول و حسيته حل مشكلتي. بدأت أحوش أنا و زمايلي, حوشت 300 جنيه و لما انتظمت في الحضور عرفت أخد 3 أضعاف المبلغ كقرض و بقي معايا 900 جنيه, قدرت بيهم أشتري كرسي كوافير مستعمل, و سيشوار و شوية اكسسوارات. دخلي اتضاعف و بقيت بكسب حوالي 100 جنيه في الأسبوع, قدرت أسدد منهم القرض بعد مده. دلوقتي أنا حاسه اني عندي كوافير بجد بيجيه ناس من البلد كلها مش قرايبي بس.”

 

“هند” هي واحدة من نساء الصعيد, البطلات المجهولات, اللاتي لا يتركن فرصة لتحسين أوضاع أسرتهم الا و تشبثوا بها مهما بلغت المشقة عليهن, و يخضن في اليوم الواحد عشرات المعارك التي لا يعرف عن أمرها أحد سواهم, ليوفروا لأبنائهم سبل كريمة للعيش لم تتاح لهم. كل المجد للمحاربات.

 

التصنيفات
الأخبار الأخبار الأخبار الأخبار الأخبار الأخبار الأخبار الثقافة الثقافة الثقافة

مني

بين ويلات الحرب و دمارها, كان الخروج هو الملجأ الوحيد. الخروج من البلدة التي طالما فتحت أبوابها علي مصراعيها لعاشقي الجمال. لكن, و إن كان الخروج منجي للجسد, فأني يكون للروح من منجي؟!

 

“كأني تركت شخصيتي القوية بسوريا و صرت شخص ضعيف و غير واثق في حالي, مع اني كنت مدرسة عربي شاطرة و مستقلة, بس من ساعة ما جيت علي هون صرت بخاف كتير و مش بعتمد علي حالي في اي شي, حتي بخاف فوت عالشارع وحدي من غير زوجي.”

 

“مني”, هي امرأة سورية جاءت الي مصر مع من جاءوا, آمله في حياة أفضل لم يتثنى لها الحصول عليها. اصابة ابنها بالتوحد زادت معانة علي معاناتها, خاصة مع تخلي زوجها تماما عن تحمل مسئوليته. كانت تضطر أن تسهر بجواره كل ليلة خوفا من أن يوقظ بكائه أبيه فيضربه بلا رحمة. حرمت نفسها من أبسط حقوقها, و عجزت عن التعبير عن آلامها, حتي زيارة الطبيب لم تجريها سوي بعد شهرين من اصابتها بنزيف لا يتوقف. كتمت كل شيء بداخلها خوفا من تخلي زوجها عنها.

 

“كنت بظن انه حق زوجي يعاملني هيك, كنت بظن انه حقه يهيني و يضربني, و يلومني علي مرض ابني, قبلت كل شي خوفا من الانفصال, بس تعبت و صرت مش قادرة اتحمل اكتر من هيك.”

 

انضمامها الي مشروع “مساحة صغيرة” الذي يقدم الدعم النفسي للنساء السوريات كان نقطة التحول في حياة “مني”, التي أدركت أن تغيير حياتها يجب أن يبدأ منها هي. تعلمت “مني” ضرورة الدفاع عن حقوقها و مواجهة زوجها, رفضت ضربه لها و لأبنهما, و طالبته بضرورة تحمل مسئوليته معها و أن يسهر ليلا معه مرة واحدة علي الأقل أسبوعيا لتستريح هي. حين رفض مطالبها صعدت الأمور لأهله و طلبت منه الطلاق, و لدهشتها أدي هذا الي تراجعه و اعتذاره و رضوخه للموافقة.

 

“خوفي من الطلاق ما حماني بالعكس دمر حياتي, لما قررت أخاطر بكل شي من اجل كرامتي كسبت كل شي.  الأمر كان محتاج مني شجاعة و مواجهة. اليوم أنا حاسة اني استعدت شخصيتي القديمة, اليوم انا قوية و ما عندي استعداد اتنازل عن حقوقي أبدا.”

 

لازلنا رغم الكسرة و الألم قادرين علي الحياة, البقاء غريزة, لكن الحياة فن, لا يتقنه سوي ذوي القلوب الغضة، التي لا ترهبها قذائف و لا تميتها بنادق… يشدوا أزرهم، فلا الحياة ترحم المنكسرة قلوبهم، ولا تأخذها بهم هوادة. ينطلقن لغد أفضل…فلأجلهن، لأجلهن فقط، سيزور الربيع هذي الديار.

 

التصنيفات
الثقافة

تفوق الشباب في نموذج الرصد المجتمعي بأسيوط وبني سويف

شارك ٢١٠ شاب وشابة في نموذج الرقابة على أداء المنظمات القاعدية المحلية في أسيوط وبني سويف خلال مشروع حياة كريمة في الفترة من 2016 إلى2019. صمم نموذج الرقابة المجتمعية لبناء الثقة بين هيئة كير والمنظمات المحلية من جانب وبين المشاركين والمشاركات بالمشروع والمجتمعات المحلية من جانب اخر.

ضمن إطار برنامج الحوكمة، تقدم هيئة كير الدولية أدوات المساءلة المجتمعية لأول مرة في مصر. يلتزم الشركاء بتقديم أعلى درجات الشفافية وضمان سهولة الوصول إلى البيانات والامتثال لكافة آليات الرقابة المجتمعية. يقول الدكتور رفعت عبد الكريم، استشاري الحوكمة والمجتمع المدني بهيئة كير الدولية في مصر: “يوفر هذا النموذج المساحة اللازمة للمواطنين لتحسين عملية التنمية المحلية في المناطق الأكثر فقرا في مصر.”

يصف الشباب مدى تأثير النموذج على شخصياتهم وحياتهم ودوره في تحسين مخرجات المشروع. يشرح محمد فرج الله منسق بإحدى الجمعيات في إطار مشروع حياة كريمة: “التجربة اثقلت من خبرتي. عرفت عن المشتريات والمناقصات ونظام الأرشفة واتعامل مع الناس ازاي.” تضمنت التدريبات التي حصل عليها الشباب موضوعات التواصل، ومفاهيم المساءلة وكتابة تقارير، وفض النزاع، والرقابة الميدانية، وتتبع مدخلات، وإدارة جلسات الاستماع.

على الرغم من توقيع اتفاقيات مع هيئة كير والمنظمات المحلية على تنفيذ آليات الرقابة المجتمعية كجزء أساسي من المشروع، إلا أن المنظمات في البداية وجدت صعوبة في التعاون مع الشباب ومساعدتهم على لعب دور الرقيب، إذ اعتاد مديري الجمعيات على تلقى زيارات من هذا النوع من الجهات الحكومية فقط وليس من شباب. كانت هذه سابقة هي الأولى من نوعها.

أحمد محمد، منسق سابق بالمشروع: “مكنش سهل على الجمعيات تتقبل شوية عيال متخرجين جديد يجوا يطلعوا أخطاء الجمعيات علشان يسلطوا الضوء على الأخطاء دي قدام كير والمجتمع المحلي نفسه، أو على الأقل هو ده الي احنا جايين نعمله. إلا اننا لما قولنا اننا جايين نساعد ونقدم دعم فني ونحسن أداء الجمعيات بدأوا يتعاونوا معانا.”

شمل نظام الرقابة مقابلة المشاركين بالمشروع، ومناقشة الجمعيات ومراجعة الوثائق. عند ظهور أي

مشكلة، يبدأ فريق الرقابة المجتمعية بالمناقشة مع فريق عمل الجمعية حول سبل تعديل واصلاح هذه المشكلات. ثم يتم تقديم تقرير بكل الوقائع لهيئة كير. لو رفضت الجمعية اجراء التعديلات المطلوبة، يتم تنظيم جلسات استماع.

يشرح أحمد : “الجمعيات تفتقر إلى الخبرة والمعرفة الفنية. بعضهم لا يملك حتى جهاز حاسب آلي. والبعض الآخر ميعرفش يكتب تقرير.”

سعيد حفني، مدير جمعية أيادي الخير بقرية بني سليمان بمحافظة بني سويف وصف الشباب مسبقاً على انهم “شوية عيال جايين يراقبوا علينا”. لكن سرعان ما تغير رأيه عندما ادرك الهدف الحقيقي وراء المسائلة المجتمعية. أوضح سعيد: “الشباب اصبحوا نقطة الاتصال بينا وبين المجتمع. ووجهونا في مرحلة ما الي أهمية الالتفات إلى بعض المناطق المهمشة في القرية. وقدروا ينقلوا افضل الممارسات من جمعية للتانية.”

وبنهاية المشروع، تم عقد ١٨ جلسة استماع بهدف تحقيق الحوار بين المستفيدين والجمعيات المحلية والهيئات المحلية والمجتمع المحلي. وقد استجابت معظم الجمعيات إلى التعديلات المطلوبة.

داليا معوض تروي قصتها مع تربية الطيور

داليا معوض، أم لخمسة أطفال، اثنين منهم من زواج سابق لزوجها، تروي قصتها مع تربية الطيور وكيف استطاعت من خلال هذا العمل انقاذ نفسها وأسرتها. تعيش داليا في قرية ملاحية سعيد، بمحافظة بني سويف.

لم يحتمل أبو الزوج فكرة مشروع تجاري لتربية الطيور وبيعها في السوق. فاضطرت داليا إلى مغادرة منزل والد الزوج والذهاب إلى العيش في مكان آخر. بالنسبة له بيع الطيور في السوق هو “فضيحة للعائلة”. ذهبت داليا للعيش في منزل أخر بنته بأموالها الخاصة عندما ساءت الظروف في منزل حماها. يتكون المنزل الجديد من غرفة واحدة، بلا سقف، ولا شباك، ولا كهرباء ولاماء.

لم يكونوا يمكلون شيئاً. لم يملكوا حتى المال لشراء ما يلزمهم من طعام. يعمل زوجها كعامل يومية، يتقاضى ثلاثين أو أربعين جنيهاً في اليوم. فتقول داليا: “الشغل مكنش اختيار، ده كان ضرورة علشان اولادي.”

اختارت داليا تربية البط في المنزل بعد موافقة جمعية أسرتي على طلبها للحصول على منحة لتأسيس مشروعها. كان هذا هو الاختيار الأفضل لأم لخمسة أطفال. حصلت داليا، مقابل منحة تساوي ألفي جنيه ومئتي جنيه دفعتهم كمساهمة منها في رأس المال، على ٢٥ بطة و ٧٥ كيلو علف. قبل استلام البط، حضرت داليا تدريب على تربية البط، وطرق العلف والتحصينات اللازمة له. تفيد داليا: “تربية البط مش سهلة. علشان كده قررت اتجه لتربية الفراخ في الدورة التالية لأن بيع الفراخ أسهل.”

تربية الفراخ عمل تجاري مربح لكن يحتاج لمجهود كبير. قامت داليا بتربية ٥٠ فرخة في أول دورة ثم ٧٥ في ثاني دورة ثم ١٠٠ فرخة في الدورة الثالثة. تقول داليا: “ضاعفت مكسبي. جيراني بيقولولي عايزين نبدأ مشروعات زيك وبيسألوني نعمل ايه.”

بفضل جهودها، داليا دخلت كهرباء في منزلها، وركبت زجاج للشباك وباب للمنزل. إلا أنه رغم نجاحها، تظل داليا ضمن الفئات المستضعفة. ابنها تعرض لكسر في ذراعه واحتاج لإجراء تدخل جراحي سريع. ومع الآسف، اضطرت داليا لوضع كل رأس مالها لدفع تكاليف العملية الجراحية لابنها. والآن، لم يتبقى لها الكثير من المال وستضطر إلى البدء من الصفر مجدداً.

رغم ذلك، لاتزال داليا تحلم بتوسيع تجارتها وبالمثابرة في عملها لإرسال أبنائها إلى المدارس واستكمال تعليمهم الجامعي.

عايدة مصففة شعر ومصممة أزياء في قرية العزية

أميّة وربة منزل وأم لثلاثة أطفال، هكذا قدّمت عايدة شفيق نفسها أو على الأقل هذا ما اعتادت أن تكون عليه على حد قولها. تعيش عايدة مع زوجها وأولادها في قرية العزية، في مركز منفلوط منذ أكثر من ١٠ سنوات. كانت الحياة قاسية للغاية بالنسبة لها حتى سمعت عن مشروع حياة كريمة.

أوضحت عايدة: “رحت مرة مع واحدة قريبتي للكوافير وشوفتها بتدفع 200 جنيه. فكرت ليه انا كمان

مكسبش زيها. جوزي شغال طول النهار في عز الشمس في أسيوط وبيرجع البيت بفلوس على القد.

كنت بحلم اعمل مشروع الكوافير علشان اساعد عيلتي. كنت عارفة اني اقدر أساعد.”

على الرغم من استعدادها لمساعدة أسرتها، واجهت عايدة الكثير من التحديات في سبيل تحقيقها لحلمها. تفرض التقاليد والأعراف في صعيد مصر العديد من القيود على حرية المرأة في الحركة وتحد من قدرتها على مغادرة المنزل لممارسة أنشطة تحقق ربحًا. بالإضافة إلى ذلك، رفض زوج عايدة الفكرة في البداية لأن هذا العمل الجديد يتطلب رأس مال من أجل شراء المعدات، بينما كان دخله يغطي بالكاد الاحتياجات الأساسية للأسرة. علاوةً على ذلك، لم يكن لدى عايدة المهارات اللازمة للعمل في مجال تصفيف الشعر ومن المستحيل بالنسبة لها ولزوجها مغادرة المنزل وقضاء بضعة أيام في أسيوط من أجل الحصول على التدريب اللازم هناك. في ذلك الوقت، كان حلمها بعيد المنال.

من أجل تحسين الفرص الاقتصادية للسيدات في المجتمعات الفقيرة مثل عايدة، وزّع مشروع حياة

كريمة منح فرعية على ١٣٠ جمعية قاعدية محلية، ٦٠ منها تدعم السيدات، من أجل إطلاق مشاريع صغيرة من أجل ضمان سبل معيشية أفضل لأنفسهن وعائلاتهن.

لماذا السيدات؟ أجابت هويدا ناجي، مديرة مشروعات في هيئة كير الدولية بمصر، قائلةً: “لأننا نؤمن بدور السيدات في تحسين سبل عيش أسرهن وأطفالهن. نحن ندرك تمامًا أن العديد من المشكلات الاجتماعية التي تواجهها السيدات، بما في ذلك العنف المنزلي والزواج المبكر وكذلك مشكلات أخرى، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتحديات الاقتصادية الساحقة.”

أعلنت جمعية تنمية المجتمع المحلي بقرية العزية عن منح صغيرة لبدء مشروعات صغيرة للسيدات وعلى الراغبات في التقدم لهذه المنح تقديم طلباتهم وأوراقهن للجمعية. قبل توزيع المنح، تحضر السيدات المقبولات دورات تدريبية حول الأنشطة التجارية ذات الصلة من أجل اكتساب المهارات اللازمة لأعمالهن التجارية الجديدة. على سبيل المثال، حضرت عايدة دورةً تدريبيةً لمدة أسبوعين في الجمعية المحلية تناولت جميع جوانب مجال تصفيف الشعر، حيث تعاقدت الجمعية مع مصفف شعر محترف من القاهرة ٢٠ امرأةً – كي يأتي إلى أسيوط من أجل تدريب ١٥ مستفيدةً على المهارات اللازمة لتأهيلهم إلى العمل كمصفف شعر محترف. وأوضحت عايدة: “أشكر المدرب الي جالنا على كل حاجة علمهالنا. مطلعتش من التدريب مية مية يعني بس اتعلمت حاجات كتير. وبالممارسة والتواصل المستمر مع المدرب الي كان بينصحنا دايما بقيت اشطر.”

تمتلك عايدة عملً متناميًا، و هو ما يمكّنها الآن من دعم أطفالها. أفادت عايدة قائلةً: “بقيت أقدر أصرف على عيالي واعيشهم عيشة حلوة. بقول لكل ست اشتغلي طالما محتاجة للدخل. كده كده الناس بتتكلم، فخليهم يتكلموا عني وأنا بعمل حاجة مفيدة لي ولأسرتي.”

والآن، اصبح الزوج أكثر دعما لزوجته، حيث يقوم بمساعدتها في إعداد الطعام لأطفالهم والتأكد من مذاكرتهم لدروسهم. وعايدة ممتنة لزوجها إذ يتنمنى زوجها أن يرى عملها ينمو أكثر وأكثر.

التصنيفات
الأخبار

معدات تزيد من الانتاجية والقيمة المضافة للمنتجات الزراعية

معدات تزيد من الانتاجية والقيمة المضافة للمنتجات الزراعية

تفتقر الزراعة في مصر إلى الآلات والمعدات اللازمة لتحسين عملية الإنتاج. وإدراكًا من مشروع حياة كريمة المموَّل من الاتحاد الأوروبي لهذه المسألة، وافق المشروع على المقترحات المقدمة من جمعيات التنمية المحلية والتعاونيات الزراعية لشراء المعدات لتلبية احتياجات المزارعين.

يعاني المزارعون في بني سويف من ارتفاع أسعار إيجارات المعدات المتاحة وعدم توافرها وضعف جودتها. لهذا السبب قدم أحمد جمعة -مدير الجمعية الزراعية التعاونية بقرية الزيتون –مقترحين بقيمة مليون جنيه إلى هيئة كير الدولية في مصر، من خلال مشروع حياة كريمة، لتزويد الجمعية بالجرارات ومكنة سيلاج، ودراسة، ومحراث. يقول أحمد: “دورنا هو تقديم الخدمات للمزارعين. بنوفر البذور والأسمدة بالفعل. لكننا عايزين نعظم دور الجمعية الزراعية تجاه مجتمعنا، من خلال توفير المعدات بأسعار معقولة للمزارعين في قرية الزيتون.” ويضيف.”استفاد ألف مزارع من الجرارين من بين ١٧٠٠ مزارع هو العدد المسجل لدينا.”

يُعد تقليب التربة أمرًا مهمًا لإعداد الأراضي لموسم الزراعة القادم ويساعد على زيادة الانتاجية الزراعية في وقت الحصاد. ويوضح أحمد قائلًا: “اعتاد المورّدون عرض جراراتهم بأسعار مرتفعة للمزارعين، حيث يعلمون أن المزارعين ليس لديهم خيار آخر.”

توفر الجمعية التعاونية في الزيتون الجرارات بسعر مخفض (٥٠٠ جنيه) وهو أقل من السعر السائد في السوق (٧٠٠ جنيه). بعد أن أصبحت الجمعية التعاونية منافسًا لهم، اضطر الموردون إلى خفض الأسعار. يشيد ناصر حسين، مزارع في قرية الزيتون، بجودة جرار الجمعية التعاونية، تلك الجودة التي أدت إلى زيادة محصوله، ويسلط الضوء على أهمية توافر الآلات لتحسين الإنتاج الزراعي. يقول ناصر حسين المزارع في قرية الزيتون: “زاد محصول القمح عندي من 3.5 طن إلى 5 أطنان في الموسم الماضي. وجود جرار عالي الجودة في الجمعية التعاونية المجاورة فكرة ممتازة بالتأكيد. اتعودنا على البحث عن جرارات في القرى المحيطة، كان من الصعب نلاقي جرار بسرعة، كان علينا ننتظر أسبوع على ما يوصل الجرار هنا.”

الفرز والتغليف هو مثال آخر على إدخال المعدات في قطاع الزراعة. تنتج محافظة بني سويف الخضروات والفواكه للتصدير. ومع ذلك تتم عملية الفرز والتعبئة خارج المحافظة الأمر الذي أدي في السابق إلى خسائر في المحصول. وقد أدى إنشاء وحدة فرز وتعبئة في عزبة حسين نامق إلى خلق فرص عمل جديدة للعديد من النساء في القرية. كانت غالبية النساء تعمل في جمع المحصول حيث ظروف العمل القاسية والأجور ضعيفة نوعا ما.

تقول مديحة جنيدي، إحدى العاملات في جمع المحاصيل في الماضي وحاليا تعمل في الفرز والتعبئة والتغليف: “كنا بنروح المزارع من 5 الفجر ونروح بيوتنا بعد العشا. المزارع دايما بعيد عن القرية، حتى لو فيه حالة طارئة مقدرش ارجع البيت. مفيش حمامات، ولا مكان للراحة، ولا حاجة خالص. اتعودنا نشتغل طول اليوم منوقفش.” وتضيف مديحة: “عندي ابني 4 سنين بضطر اسيبه مع جارتي علشان اروح اشتغل. طيب لو تعب اعمل ايه؟! مكنتش اقدر ارجع غير لما كل الستات تخلص شغل ويركبوا العربية.”

تتقاضى السيدات خمسون قرشا على فرز وتعبئة الكيلوجرام الواحد. أجمعت العاملات على أن العمل في مكان مجاور للمنزل وبساعات عمل مرنة أفضل من العمل في الحقول. يقول عيد إمام، رئيس جمعية تنمية المجتمع المحلي بعزبة حسين نامق: “أي عاملة مسموح لها تستأذن لبعض الوقت وترجع تكمل بعد كده.”  وتشرح نهى محمود، عاملة في وحدة الفرز ظروف العمل قائلة: “أنا باخد نفس الأجر تقريبا لكن شغالة في مكان نضيف مش في عز الشمس وفيه حمامات.” تمنع العادات النساء من مغادرة بيوتهن لساعات طويلة والذهاب إلى أماكن بعيدة. في هذا الصدد تقول نهى: “جوزي ميوافقش اني اروح مزارع بعيدة عن البيت، علشان كده فرز الخضروات جنب البيت هو عمل مناسب لي.”

لضمان استدامة الوحدة، تعتمد الجمعية على تدريب العاملات على تقديم منتجات عالية الجودة للمصدرين، كما تؤدي دور الوسيط بين المنتج والمصدر من خلال إبرام الاتفاقيات الزراعية.

ويوضح عيد: “بنقدم تدريب للعاملات عن المواصفات المطلوبة للمنتج النهائي علشان مفيش منتج يترفض ويرجع.” ويضيف قائلاً: “بنسعى على تشغيل الوحدة باستمرار لمساعدة أكثر من ١٠٠ عاملة يوميًا على تحسين سبل معيشتهن.”

تبطين المساقي يزيد من أرباح حمزاوي

لا يسهم تبطين المساقي في استخدام المياه بشكل أكثر كفاءة فحسب، بل يزيد أيضًا من إنتاجية الأراضي الزراعية. ومع ذلك، لم يكن تبطين المساقي شائعًا في مصر حتى وقت قريب. يخبرنا حمزاوي إبراهيم المزارع بقرية نزة قرار في محافظة أسيوط: “انتشر خبر تبطين المساقي في جميع أنحاء القرية.”

 

تتمثل المشكلات الرئيسية للمساقي الطينية في تسرب المياه وارتفاع تكاليف الوقود لماكينات رفع المياه وتطهير المساقي. ويوضح حمزاوي: “اعتدنا تطهير المساقي 4 مرات في الموسم بتكلفة 100

جنيه للفدان في كل مرة، بالإضافة إلى تكلفة الوقود والعمالة.”

 

تشغل المساقي الجديدة مساحة 1.20 متر مربع فقط بدلاً من المساقي القديمة التي كانت تشغل مساحة 5 أمتار، وتُستخدَم المساحة المتبقية في الزراعة. تعيش الثعابين والقوارض والبعوض والحشرات في المساقي الطينية وتتسبب في إهدار المحاصيل. يوفر تبطين المساقي الوقت والوقود المستهلك في ماكينات رفع المياه. يقول زكريا جابر المزارع بقرية نزة قرار: “ري الأرض بياخد ساعتين فقط، وده نص الوقت المستغرق قبل كده.” إن توفير الوقت والوقود يعني المزيد من العائدات والأرباح للمزارعين.

 

على الرغم من ندرة الموارد المائية، لا يزال معظم المزارعين يتبعون نفس تقنيات الزراعة القديمة. انطلاقًا من الإيمان بأهمية تطوير القطاع الزراعي باعتباره بوابة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية

في صعيد مصر، تقدم هيئة كير الدولية في مصر، من خلال مشروع حياة كريمة، نظما مبتكرة لرفع كفاءة الري والزراعة في صعيد مصر. قدم مشروع حياة كريمة المموَّل من الاتحاد الأوروبي والذي تنفذه هيئة كير مِنَحًا فرعية للتعاونيات وجمعيات المجتمع المدني المحلية لتبطين المساقي. تقول مروة حسين، مديرة برنامج الموارد الطبيعية والزراعية في كير مصر: “تبطين المساقي يساعد الآلاف من المزارعين على تقليل تكاليف الانتاج وزيادة المحاصيل وبالتالي زيادة انتاجية المزارعين لأعوام قادمة.”

 

يُعَّد حمزاوي وجيرانه مثالاً يحتذى به المزيد من المزارعين. يقول حمزاوي: “المزارعون شافوا مدى فايدة المساقي الجديدة وقرروا ينفذوا المساقي الجديدة عندهم.” كما عزز المزارعون النظام عن طريق إضافة باب للتحكم في تدفق المياه في المسقى ومنعه وقت الحاجة لذلك. ونتيجة لهذا التدخل أصبح المزيد من المزارعين الآن مهتمين بهذا النموذج.

 

وقدمت هيئة كير كيلومترًا واحدًا من المساقي المبطنة في القرية. يبرز حمزاوي الوضع الراهن قائلاً: “ما زلنا محتاجين 5 كيلومترات هنا في القرية، في حين مازال المزارعون في القرى المحيطة معندهمش مساقي مبطنة خالص.” بعد الانتهاء من المشروع قام المزارعون الذين يمتلكون قطعًا كبيرة من الأراضي بتبطين المساقي على نفقتهم الخاصة، بينما لا يستطيع صغار المزارعين تحمل التكاليف. ويضيف حمزاوي “نحتاج لمشاركة الجميع في النظام ده علشان نضمن فاعليته بنسبة 100%.”

 

ويقول زكريا: “نشكر هيئة كير والاتحاد الأوروبي على مساعدتنا ونتمنى رؤية المزيد من المساقي في القرية قريباً.”