من رحم الضوائق و الأزمات يولد شعاع من نور, بصيص أمل نتشبث به, و قد كانت هوايتها البسيطة هي ذلك الشعاع, فتصفيف و تزيين أهلها و جيرانها كان ملاذ “هند” لسد كفاف حاجتها, هي و زوجها مريض “فيروس سي” الذي تقضي تكاليف علاجه علي غالبية راتبه, و مصاريف أبنائهم الثلاثة في مراحل التعليم المختلفة.
“هند”, ابنه قرية منشأة عبدالله التابعة لمحافظة المنيا, قررت أن تستغل موهبتها في زيادة دخل أسرتها الذي لا يتجاوز ال900 جنيه.
“الموضوع بدأ اما قررت اشتغل كوافيرة في البيت, حاجة صغيرة مع أهلي و جيراني الي عارفني كويس علشان أساعد عيلتي، كنت بكسب في الأسبوع العادي حوالي 50 جنيه و لو فيه فرح أو موسم عيد ممكن يوصلوا ل 75 أو 100”.
كبر دخل هند, و كبرت معه أحلامها في توسيع مشروعها الصغير و تجهيزه بالمستلزمات الأساسية، و بقي توفير النقود اللازمة لشراء تلك المستلزمات عائق يحول دون تحقيق حلمها, الي أن سمعت عن “مشروع حياة” للادخار و الاقراض, و الذي يعتمد علي أن يقوم من 10-20 فرد بتجميع مبلغ من المال متفق عليه, و اقراض المبلغ كاملا لواحد منهم بالتناوب كل أسبوع.
“لما سمعت عن المشروع دخلت علي طول و حسيته حل مشكلتي. بدأت أحوش أنا و زمايلي, حوشت 300 جنيه و لما انتظمت في الحضور عرفت أخد 3 أضعاف المبلغ كقرض و بقي معايا 900 جنيه, قدرت بيهم أشتري كرسي كوافير مستعمل, و سيشوار و شوية اكسسوارات. دخلي اتضاعف و بقيت بكسب حوالي 100 جنيه في الأسبوع, قدرت أسدد منهم القرض بعد مده. دلوقتي أنا حاسه اني عندي كوافير بجد بيجيه ناس من البلد كلها مش قرايبي بس.”
“هند” هي واحدة من نساء الصعيد, البطلات المجهولات, اللاتي لا يتركن فرصة لتحسين أوضاع أسرتهم الا و تشبثوا بها مهما بلغت المشقة عليهن, و يخضن في اليوم الواحد عشرات المعارك التي لا يعرف عن أمرها أحد سواهم, ليوفروا لأبنائهم سبل كريمة للعيش لم تتاح لهم. كل المجد للمحاربات.